القائمة الرئيسية

الصفحات

وسائل التواصل الاجتماعي بين الممنوع والمرغوب (صور من الواقع)

 

كتب: شحات خلف الله 

تعلمنا منذ الصغر ان لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه كما جاء بقانون نيوتن الثالث فى علم الفيزياء ونظرا لأن الكاتب والأشخاص ذوي الملكات الأدبية فى المجتمعات ممن حباهم الله القدرة على التفاعل مع الظواهر الاجتماعية أيا كانت إيجابية أم سلبية وتسليطهم الضوء عليها باعتبارهم رسل المجتمعات المنوط بهم كشف اللثام وتشريح المواقف فى محاولة لترميم ما افسده الفهم الخاطئ ويطلق عليهم "المثقفين "وحتي لا يكون التسليم هو المعيار وبكل تأكيد ان لكل قاعدة شواذ كما يقال لذا كان اختيار اسم (إلا ما رحم ربي) هو العنوان لهذه السلسلة من المقالات التي أتناول فيها بعض الصور الممقوتة التي تأنفها السليقة البشرية السليمة وانتشرت فى الأوساط المجتمعية المختلفة مما جعلنا نقوم بالتسليم والخضوع لمبدأ شاذيه القاعدة رغم ان المفروض ان لفظ الشذوذ عن القاعدة يطلق على الأمر الخبيث لكن اصبحنا نُسلم ان الخبيث من الامر أصبح هو الواقع ومن يتمسك بالرواسخ والنقاء وعدم الانقياد هو الشاذ عن الدرب السليم واذا قلنا ( إلا ما رحم ربي ) فى بداية هذه السلسلة عن ظاهرة سبق لى تسميتها بظاهرة "التسول العاطفي" التى تحدثت عنها فى أحد حلقات برنامج "اسرار الحياة" برفقة الإعلامية الصديقة "هبة الشرقاوي" الذى كان يذاع على "قناة مصر البلد" على القمر الصناعي النايل سات فى منتصف العام الماضي وكنا قد تعرضنا إلى تلك الظاهرة من منظور شامل يؤذي النفس كثيرا بزيادة الضغط على المشاعر الإنسانية من كثرة الالحاح فى تسول المشاعر الإنسانية بالتعاطف مما يؤدي أحيانا إلى تدمير العلاقات الإنسانية .
ومن الملاحظ أن استخدام تلك الوسيلة فى برامج التواصل الاجتماعي ازدادت بصورة جلية لا يمكن تجاهلها ولا سيما مع كثرة أعداد حالات الوفاة بسبب فيروس "كوفيد 19" الذي يحصد العشرات يوميا على مستوي الجمهورية ورغم عمومية القاعدة وشموليتها لكن يمكننا القول ان استثناء اليوم بقول "إلا ما رحم ربي" يتوفر ولا يمكن إنكاره فإن الدعاء للأموات بالرحمة والغفران وزيارة القبور لها عامل كبير فى ترويض النفس البشرية والخلاص من الغفلة والتلاهى فى الحياة الدنيا وعليه ليس كل منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يعتبر نوع من أنواع التسول العاطفي فقد انقطع الأمل لدي من رحلوا وتركوا الدنيا إلى الحياة الثانية وهى حياة البرزخ ما قبل البعث والنشور والعرض على الديان.

يحضرني هنا حديث الرسول صل الله عليه وسلم فى حديث بريدة قال رسول الله ﷺ: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، رواه مسلم والخطاب هنا موجه للرجال وليس للنساء كما نفهم وليست القبور محل لطلب شفاعة الموتى فى الأحياء فقد انقطع عملهم بانتهاء أجلهم إلا من ولد صالح يدعوا لهم او صدقة جارية او علم ينتفع به كما جاء فى الحديث الصحيح .

وتعريجا على ما سلف أرى أن الظاهرة الحالية فى منشورات التعازي وطلب الدعوي والرحمة للأموات غير وسائل التواصل الاجتماعي لا ينطبق عليها لفظ التسول العاطفي الذى سبق الحديث عنه بنشر الحالات فى الملفات الشخصية مثل(تعليق الكانيولا أو ادعولي لدى سعال) او غيرها من الأشياء التي كنا نلاحظها بين الفينة والأخرى بغرض جذب الانتباه من الشريك وتعويض الشعور من الحرمان العاطفى بسبب ظواهر التفكك الأسري المصاحب لولوج السرطان العنكبوتي البيوت وعدم الاحتواء الأسرى.

يحضرني فى هذا المقام ابلاغي رؤيا صالحة لأحد الأصدقاء عقب وفاة والدتى عليها رحمة الله تعالي وكأنها رسالة أرادت توصيلها لى من خلال هذا الصديق وقد استشرت اهل الدين بشأنها الذين الهمهم الله حسن التأويل وقد حرصت على التنفيذ بحمد الله تعالى والشاهد من هذا الموقف ان وسائل التواصل الاجتماعي ليست بهذا الكم من السوء بل هناك أشياء من خلالها تستحق قول "إلا ما رحم ربي "
فى الحلقة القادمة ان شاء الله نتحدث عن مفهوم "الأخ" ذلك المفهوم الذي لفت انتباهي له أحد الأصدقاء على الصفحة وهو يبحث عن مفهوم وتعريف له وله الحق فى ذلك فإن المفهوم أصابه التلوث ويستحق حلقة من حلقات "إلا ما رحم ربي "

تعليقات

التنقل السريع