عاصفة داخل حزب الجبهة… سيد القصير في مواجهة ورطة مندوب العائلة الكويتية في قنا

 

فيما يشبه المشهد الروائي، تعثّر مرشح النواب المحتمل ناجي صديق في أولى خطواته داخل دهاليز العمل الحزبي، ليقدّم درسًا بليغًا لكل من يظن أن السياسة مائدة مفتوحة بلا بروتوكولات.   

هذا الرجل، الذي كان حتى الأمس القريب نموذجًا للشخصية المحليّة الطيبة التي تتناثر حولها تبرعات أسرة المرزوقي الكويتية في قنا – تلك التبرعات التي جرت على يديه فأضاءت قرى، ورصفت طرقًا، وأقامت مراكز طبية وتعليمية لوجه الله – أراد أن يقفز فوق السلالم برعونة ليجد نفسه متدحرجًا من أعلى إلى أدنى درجاتها بخبطة في الرأس ومثلها في الكوع، وغيرها في الأنف، وبعدها في الحوض، ليصل إلى الأرض مكسّر الأعضاءْ.

ففي لحظة انبهار سياسي طفولي، تلقى ناجي صديق اتصالًا هاتفيًا من السيد القصير، أمين عام حزب الجبهة الوطنية، يفيد – وفق ما نقله  البعض عن ناجي نفسه – بأنه مرشح الحزب عن المصريين بالخارج ضمن ائتلاف «القائمة الوطنية من أجل مصر». 

حزب الجبهة الوطنية

لكن ناجي لم يلتقط الفارق بين الوعد والكشف، بين الترتيب والموقف الرسمي؛ فهرع إلى صفحته على فيسبوك، معلنًا على الملأ أن الحزب رشحه رسميًا في القائمة الوطنية للانتخابات البرلمانية، كأن الأمر قد انتهى وصار واقعًا، وهو لا يدري أنه بذلك إنما قد أشعل على الحزب نيران مئات الطامحين، ووضع نفسه في مرمى غضب القيادات قبل أن يدخل تحت مظلتها.

هذه الخطيئة، في لغة السياسة، ليست مجرد سقطة عابرة؛ إنما هي لغم تفجّر فجأة في وجه ناجي ومن قدّم له الوعد في حزب الجبهة، كذاك وهي علامة على جهل بروتوكولي لدى ناجي صديق يمكن أن يطيح بوعد لم يكد يُولد. 

♦️فالحزب – بحكم نظامه الداخلي – لا يُعلن أسماء مرشحيه إلا بقرارات صادرة من هيئته العليا، وما يُقال في الهواتف لا يُبنى عليه موقف رسمي، وما يُتداول في المجالس المغلقة لا يخرج إلى العلن إلا حين يحين أوانه.

📌ومن هنا، يصبح لزامًا على السيد القصير  أمين عام حزب الجبهة أن يُصدر بيانًا واضحًا، ينفي فيه ما نسب إليه من تقديمه وعدًا لناجي صديق، ويؤكد أن أي ترشيح لا يتم إلا عبر مؤسسات الحزب الرسمية، لأن السكوت على هذه الواقعة سيُفسَّر باعتباره تسيّبًا إداريًا أو تجاوزًا للهيئة العليا، وهو أمر يتناقض مع صورة الحزب الجاد الذي يسعى لتقديم نفسه بها كبديل منظم لا كجماعة هواة.

♦️لقد أراد ناجي صديق أن يخطو إلى السياسة من بوابة الشمس؛ فإذا به يجد نفسه في عتمة الامتحان الأول. 

أراد أن يُكرّم برصيده الاجتماعي، فإذا به يهدد ذلك الرصيد، بأنه مخطط لأغراض سياسية، وأراد أن يكون السياسي الذي جاء محمولًا على أكتاف تبرعات المرزوقي، فإذا به يتحول إلى قلق يمكن أن يصيب العائلة من أن تعتبر دوائر رسمية في مصر أن تبرعاتها في قنا لها أهداف سياسية، وهو تخوّف مشروع لعائلة قدّمت وتقدّم تبرعاتها في قنا لوجه الله ومحبة في المصريين. 

 📌إن ما حدث من ناجي صديق هو مثال حي  للتحذير من الإفراط في الثقة وقلة الخبرة. 

هذه هي الخطيئة السياسية القاتلة: أن تُعلن ما لم يُعلن، وتكشف ما لم يُقرَّر، وتستبق المؤسسات فتجعلها في حرج أمام الرأي العام.

والدرس الباقي، الذي ينبغي أن يُقرأ من هذه القصة، هو أن السياسة المصرية – مهما بدا ظاهرها سهلاً – لها قواعد صلبة، ومن يدخلها بلا دراية قد يخرج منها بخيبة، حتى لو كان يملك في رصيده أنبل صور العطاء الاجتماعي.


تعليقات