قنا تدخل صناعة المهرجانات: إنطلاقة تُبعث على الإعجاب والتقدير


  🔴 حين فقد مصطفى وزيري “وقاره” أمام الضيوف

✍️: عبده مغربي

📆 الجمعة 7 نوفمبر 2025 


كان يوم أمس يومًا متميزًا في محافظة قنا، حين قرّر الدكتور خالد عبد الحليم أن يضع قنا بقوة على خريطة المهرجانات الثقافية والسياحية والتراثية بمصر، مع انطلاقة الدورة الأولى لمهرجان قنا للفنون والحرف التراثية 


انطلاق المهرجان أمام معبد حتحور بدندرة كان إعلانًا صريحًا بأنه أصبح لمحافظة قنا رؤية جديدة تستثمر ثروتها الأثرية في خدمة السياحة الريفية وبناء الهوية الثقافية.


♦️ لماذا المهرجانات مهمة لقنا؟

قد يعتقد البعض أن المهرجانات السياحية والتراثية والفلكلورية ترفًا، وقليل من يدرك أنها استثمار استراتيجي، يساهم في:

 📌 جذب سياحة نوعية تُنقذ المقاصد الأثرية في قنا -و على رأسها معبد حتحور-من الإهمال بما يضع محافظة قنا على أجندة البرامج السياحية على النحو الذي تستحقه.


 📌 خلق فرص اقتصادية مباشرة (فندقة، مطاعم، حرف يدوية، ودعم المواهب المحلية في الانطلاق من المحلية إلى أفاق العالمية) وغير مباشرة عبر سلاسل التوريد والخدمات التي تحتاجها السياحة في قنا.


 📌 صيانة التراث الحيّ من خلال هذه النوعية من المهرجانات بإصرار الدكتور خالد عبد الخلية على تحويل المواقع الأثرية من مجرّد وجهة محددة المقصد، إلى مسارح ثقافية مفتوحة تبرز قيمة قنا ثقافيًا وتاريخيًا، وبشكل يرمّم الروابط بين القنائيين وتراثهم.

 📌 بناء علامة مكانية (brand) لمحافظة قنا كقِبلة للسياحة الريفية والثقافية داخل مصر وخارجها.

♦️ معبد حتحور في دندرة — سطوة أثرية


معبد حتحور في دندرة بالنسبة لمحافظة قنا يعتبر قلبها الثقافي النابض والسجل الحضاري الذي يروي قصص الماضى العريق لهذه البقة العظيمة من أرضها، نظرة لم يسبق أن انتبه لها أحد من المحافظين قبل الدكتور خالد عبد الحليم. 


AbdelFattah Elsisi - عبد الفتاح السيسي


معبد حتحور في دندرة هو الأنقى والأجمل من بين معابد وادي النيل، من حيث حجمه ودقة نقوشه وحالته الفريدة، إذ تختزن جدرانه وطبقاته العليا والسراديب أساطير مدهشة عن العقيدة والجمال في مصر القديمة. 


هذا السحر نفسه هو ما دفع إمبراطور المال والتكنولوجيا الأمريكي إيلون ماسك إلى التعبير عن انبهاره، حين نشر مقطع فيديو لأحد سراديب المعبد حصد أكثر من 15 مليون مشاهدة، وعلّق عليه قائلاً بإعجاب: «كانت مصر القديمة مذهلة».


إلى ذلك لم تَخلُ الفعاليّة من لحظات أثارت انتباه الملايين أمس؛ فقد تصدّرت صور المعبد منصات التواصل في مناطق مختلفة من الكوكب.تُضاف إلى التغريدة المثيرة للملياردير العالمي إيلون ماسك وحظت بانتشار عالمي بارز مليئ بالإعجاب عن المعبد، ما أضفى على الحدث هالة واسعة من الفضول والاهتمام (ما عزّز من وقع الإطلاق بهذا المهرجان الأول في قنا).


♦️ الحضور الرسمي والوزاري: رسالة دعم قوية


شهد الإطلاق حضورًا رفيع المستوى: محافظو الأقصر ودمياط، وممثلون عن وزارات السياحة والثقافة والتنمية المحلية، إلى جانب وفد من «جهاز مستقبل مصر». هذا التماثل الوزاري والإقليمي أرسل رسالة واضحة: مشروع قنا للمهرجانات الثقافية هو مشروع دولة.


♦️ ملاحظة نقدية: أداء لا يليق بالمهرجان ولا بقداسة المكان


رغم النجاح المبهر للمهرجان، لم تخلُ الفعالية من مشهد أثار انتباه المشاركين جسده الأداء غير المنضبط للدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للآثار، عندما بدا خارج السياق، وهو يتحدث بتفسيرات لنصوص هيروغليفية بطريقة هامسة، تستثن السيدات من سماعها، وقد بدا الأسلوب خفيفًا وصبيانيًا لا يليق بمن يَفترض أنه صاحب ثقافة مسؤولة عن توصيل التراث بحرفية وبساطة للرجال والنساء بلا استثناء.


وزيري خلال الشرح طرح سؤالًا على الوفد الزائر عن معنى نقشٍ هيروغليفي أشار له بإصبعه؛ قائلاً: «الرسم ده معناه إيه؟!» وكان من الواضح أنه ينتظر حيرة الضيوف وعجزهم عن الإجابة. أجابه كاتب هذه السطور: “اسمه شِن رن” (أو في التداول الشعبي “شنّة ورنة”). فجاء رد وزيري بطريقة طريفة لكنها أعطت انطباعًا بامتعاضه😂😂 إذ قال: “متيجي تشرح مكاني..!” — جملة ضحك معها الحاضرون لكنها حملت ضمنيًا عدم ارتياحه لمعرفة أحد الحضور الإجابة عن سؤاله. 


المشهد بدّد قليلًا من هيبة الرجل؛ فمن الطبيعي أن يسأل العالم جمهوره دون أن ينزعج إذا وجد بينهم من يعرف الإجابة. غير أن ما بدا عليه مصطفى وزيري هذه المرة أظهر نقصًا في المستوى المهني المفترض لعالم آثار، إذ غابت عنه الاحترافية المطلوبة في التعامل مع الجمهور. 


♦️ ما وراء الحدث: مشروع كبير يجري في السر


الأهم أن إطلاق المهرجان لم يكن نهاية الخطة بل بدا وكأنه مقدّمة لصفحة أكبر يعمل عليها محافظ قنا بخطوات مدروسة، -تتم سرًّا- عن مشروع أضخم سيُعلن عنه رسميًا في مشهد هو الأول من نوعه — مشروع يهدف إلى وضع مصر على خارطة السياحة بشكل لم يكن في الحسبان، وسيجعل من قنا مركزًا لجذبٍ سياحي يربط بين الأثر والطبيعة والثقافة الشعبية. 


Ministry of Tourism and Antiquities وزارة السياحة والآثار


لم تُكشف التفاصيل بعد، لكن الانطباع العام أن الدكتور خالد عبد الحليم يتهيأ لإطلاق مشروع متكامل تستثمر فيه محافطة قنا كل مقوماتها الطبيعية والحضارية.


♦️ إنجاز يُحتفى به، مع دعوة للاحترافية


ما شهدناه أمس إنجاز مهم لخطط محافظ قنا: إدخال صناعة المهرجانات ووضع قنا على خارطتها، يمثل خطوة مثيرة تستحق الثناء والدعم، خصوصًا إن رافقها تنظيم محترف وتخطيط اقتصادي يسعى إلى إشراك المجتمع المحلي في بناء اقتصاد جديد لم يعرفه قبلًا، كذلك والحفاظ على المواقع الأثرية بوصفها مصدر جذب ورزق للمجتمع القنائي. 


ومن ثم، فإن الاحتفاء الذي ناله الحدث ينبغي أن يقابله قدر من الاحترافية والانضباط من أولئك الذين يُفترض أنهم يحملونها. 


فالتفاصيل السلوكية الصغيرة التي بدت على وزيري جعلته يبدو ضئيلًا في نظر بعض الحضور، وهي صورة تنعكس بالضرورة على مكانته الشخصية في أعين الزائرين والمشاركين.


على أن الاجمال في ما سبق يؤكد أن قنا اليوم تختبر نفسها — بين من يريد أن يجعلها رمزًا للسياحة الريفية في مصر، وبين من يحتاج إلى ضبط الأداء ممن يتحدث عنها وعن إرثها الحضاري. 


ما سبق يعني بوضوح أن أمس هو بداية لمسيرة جديدة مبهرة ترسّخ للمحافظة مكانتها الثقافية عالميًا، وتفتح اقتصادها على آفاق جديدة.

تعليقات