التذكير بصيام يوم عاشوراء ... عصمت رضوان

 

تتقدم المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف بسوهاج برئاسة فضيلة الدكتور أحمدحمادي، بخالص التهاني القلبية للأمة الإسلامية بمناسبة حلول العاشر من المحرم أعاده الله بالخير واليُمن والبركات وبهذه المناسبة يسر المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف بسوهاج نشر مقال الأستاذ الدكتور عصمت رضوان وكيل كلية اللغة العربية بجرجا، عضو مجلس إدارة المنظمة. 

تذكير الأتقياء بصيام عاشوراء:

____________________

   من نعم الله عزوجل على هذه الأمة المحمدية أن جعل لها مواسم للخير والطاعة ، يضاعَف فيها الأجر ، ويزداد فيها الثواب. 

    ومن مواسم الخير وأيام الطاعة لأمة الحبيب صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء  ، وهو يوم العاشر من شهر الله المحرم.

   ويوم عاشوراء من الأيّام المستحبّ صيامها عند أكثر أهل العلم، وقد ورد في ذلك الكثير من الأحاديث التي تذكر فضله وأجر صيامه.

 والسبب في تشريع صيام يوم عاشوراء هو أنّ الله سبحانه وتعالى قد نجّى فيه سيّدنا موسى عليه السّلام وقومه بني إسرائيل من بطش فرعون وكيده.

    فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قدم النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوّهم، فصامه موسى ،فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأنا أحقّ بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه).

   وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يصومه، فلمّا قدم المدينة صامه، وأمر النّاس بصيامه، فلمّا فرض رمضان قال: من شاء صامه ومن شاء تركه).

 (رواه البخاري ومسلم) 

    وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: (إنّ هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم فمن شاء صام، ومن شاء فليفطر) رواه البخاري ومسلم .

   ومن المستحبّ أن يصوم المسلم اليوم التّاسع مع اليوم العاشر من المحرّم، وذلك لما ثبت في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (لمّا صام رسول الله يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنّه يوم تعظمه اليهو د والنّصارى، فقال: إذا كان عام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأتِ العام المقبل حتّى توفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) رواه مسلم.

     لكن يكفي صيام يوم عاشوراء فقط ويكون من صامه منفردا قد أتى بالسنة ،لكنه ترك الأفضل، إذ الأفضل أن يصوم قبله يومًا، أو بعده يومًا، بأن يصوم يومين: التاسع والعاشر، أو العاشر والحادي عشر، أو يصوم الثلاثة: التاسع، والعاشر، والحادي عشر، هذا أفضل، مخالفة لليهو د . 

   ويجوز صيام يوم الجمعة منفردا إذا وافق يوم عاشواء  بغير كراهة، وكذلك كافة الأيام التي يُستحب صيامها، إذا وافقت صومًا مُعتادًا للمسلم كما ذكر الإمام ابن قدامة رحمه الله .

       و تكفير الذنوب الحاصل بصيام يوم عاشوراء المراد به الصغائر ، أما الكبائر فتحتاج إلى توبة خاصة كما ذكر العلماء. 

   قال النووي رحمه الله :

   (يُكَفِّرُ  أي صيام يوم عرفة كُلَّ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ ، وَتَقْدِيرُهُ يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلا الْكَبَائِرَ .

ثم قال رحمه الله : صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ ، وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ ، وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ... كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ ، وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ ).

   وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( وَتَكْفِيرُ الطَّهَارَةِ ، وَالصَّلاةِ ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ ، وَعَرَفَةَ ، وَعَاشُورَاءَ لِلصَّغَائِرِ فَقَطْ) . والله أعلم .

  نسأل الله تعالى تكفير السيئات ،ورفع الدرجات ، ومجاورة النبي صلى الله عليه وسلم في فردوس الجنات .

تعليقات