بقلم: د. مؤمن حجازي
في السنوات الأخيرة، تصدّر تطبيق “تيك توك” مشهد وسائل التواصل الاجتماعي، ليصبح منصة محببة لملايين المستخدمين حول العالم، خاصة من فئة الشباب. ومع اتساع شعبيته، برزت تحديات جديدة تتعلق بسوء استخدام بعض ميزاته المالية، وعلى رأسها ظاهرة “غسيل الأموال”.
غسيل الأموال هو عملية تهدف إلى إخفاء المصدر غير المشروع للأموال، من خلال تمريرها عبر معاملات تبدو قانونية، لتصبح “نظيفة” من الناحية الظاهرية. وفي بيئة تيك توك، يستغل البعض نظام الهدايا الرقمية، حيث تُشترى عملات افتراضية داخل التطبيق، وتُرسل لصناع المحتوى أثناء البث المباشر، ثم تُحوّل إلى أموال حقيقية تُسحب لاحقًا.
تكمن الخطورة عندما تُستخدم أموال غير قانونية لشراء هذه الهدايا، وتُرسل إلى حسابات خاضعة لسيطرة نفس الجهة، مما يمنح الأموال غطاءً شرعيًا يصعب تتبعه. وفي بعض الحالات، تدخل شركات وساطة رقمية على الخط، لتسهّل عمليات الشراء والتحويل دون رقابة كافية أو تحقق دقيق من مصادر الأموال أو هوية الأطراف.
سهولة إنشاء الحسابات، وغياب الضوابط الصارمة على التبرعات الرقمية الصغيرة، تمنح مثل هذه العمليات فرصة للمرور دون لفت الانتباه، خصوصًا إذا ما تم توزيع المبالغ على عدة حسابات أو جرى التحويل بشكل متقطع ومنظّم.
ورغم إدراك إدارة تيك توك لهذه المخاطر، واتخاذها خطوات نحو مراقبة التحويلات المشبوهة وتقييد عمليات السحب، فإن الأمر لا يزال بحاجة إلى مزيد من الجهود، سواء من المنصة نفسها أو من الجهات الرقابية المعنية.
للحد من هذه الظاهرة، من الضروري تعزيز أنظمة التحقق داخل التطبيق، ووضع آليات واضحة لمراقبة التبرعات، إلى جانب توعية المستخدمين بخطورة المشاركة – ولو عن غير قصد – في عمليات مالية غير مشروعة.
فالتقنية أداة قوية، لكن كأي أداة، تعتمد نتائجها على من يستخدمها .
